حكاية رحلة اثام بقلم منال سالم
المحتويات
الأمس الحادة لن تتعافى بين عشية وضحاها ضحكت أفكار مستخفة بألمها وعلقت وهي تقوم واقفة بلاش دلع مرئ ثم جذبتها من ذراعها عنوة وهي تلح عليها قومي يالا بلا هم ده إنتي عروسة لسه بكرتونتها مش خرج بيت رغم التجهم المستحوذ على ملامح وجه عقيلة إلا أنها كانت مثل شقيقتها لا تريد لابنتها الوقوف عند لحظة بعينها وتناسي مسئولياتها الجديدة كزوجة عليها ترسيخ دعائم علاقتها مع زوجها لتضمن استمرار حياتها في ظل وجود والدته المتسلطة فالأخيرة ذات تأثير مهدد لاستقرارهما كعائلة لم يمر على وجوده بالمشفى عدة أسابيع إلا وكل بضعة أيام تظهر شكوى غريبة في حقه على أمل النيل من سمعته وزعزعة وضعه كجراح مخضرم ومع ذلك كان قادرا على التعامل بحنكة مع ما يتعرض له من شكاوي مغرضة متوقعا من يقف خلفها لإزعاجه ومضايقته لكنه غض الطرف عن هذه التفاهات إلى أن انتهى المطاف بوجود قوة من أفراد الشرطة تحاصره في مكتبه وكأنه مچرم خطېر على وشك الهروب حيث تم اتهامه في محضر رسمي بالتسبب في ۏفاة أحد المرضى عن طريق الخطأ أنكر مهاب هذا الاتهام الصريح وهتف نافيا إياه بتحيز ثائر دي تخاريف رد عليه الضابط المسئول برسمية بحتة يا دكتور البلاغ بيقول إنك عملت العملية كمان بدون موافقة أهل المړيض ودي مشكلة تانية خطېرة طرق بقبضته المتكورة في تعصب على السطح الزجاجي ورد مؤكدا في ڠضب مبرر محصلش أشار له الضابط بالتحرك وهو يخاطبه في لهجة جامدة يا ريت حضرتك تتفضل معانا بهدوء على القسم وهناك هتعرف كل التفاصيل كان من الصواب في مثل هذه الظروف التصرف بتعقل وروية لكشف الحقائق بدلا من إثارة البلبلة بلا داع لذا سحب مهاب نفسا عميقا يثبط به انفعالاته الثائرة وقال بعد زفير سريع مافيش مانع عندي بس الأول هكلم المحامي بتاعي رد الضابط في هدوء مقتضب براحتك المحڼة التي ظن أنها ستقضي على مسيرته الطبية دون ذنب فعلي حلت بخبرة فريق المحامين المخضرمين وتم كشف ملابسات البلاغ المدسوس من أجل إيقاعه في وقت وجيز فالمړيض الذي اتهم بالتسبب في ۏفاته خطئا كان اسمه غير مسجل بسجلات المشفى الرسمية وبالتالي كان من غير المعقول أن يقوم مهاب بإجراء جراحة له وهو لا يمارس عمله إلا بذلك المشفى فقط ناهيك عن عدم تخصصه في إنهاء أي إجراءات قانونية تخص أي مريض فمهمته كانت محددة القيام بالعمليات الجراحية فور تأكد فريق يعمل تحت يديه من إعداد كل شيء أثبتت التحريات صحة ما قدم من بيانات رسمية وأطلق سراحه في الحال ليتجه مهاب إلى مقر شركة عائلة الجندي وقد عرف من يقف وراء ذلك الملعوب الخبيث دون استئذان اقتحم غرفة المكتب الخاصة بوالده حيث يمكث فيها سامي معتقدا أنه قد بات المسئول الوحيد عن إدارة كافة الأعمال ويملك السلطة المطلقة لتسيير الأمور وفق رغباته هو ولا أحد غيره توتر وانتفض واضطرب في جلسته حينما رأى شقيقه الأصغر بشحمه ولحمه يقف قبالته وكأن شيئا لم يمسه استطرد الأخير متكلما في صوت ينم عن قوة مهيبة كنت مفكر إن حركة عبيطة زي دي هتجيب نتيجة معايا تلجلج وهو يرد عليه متسائلا بعدما نهض واقفا إنت قصدك إيه حاول بحيلة مكشوفة تعنيفه للتغطية على رهبته منه مشيرا له بسبابته وبعدين إنت إزاي تتدخل عليا المكتب كده تقدم مهاب ناحيته وهو يشمله بنظرات احتقارية تحمل ضغينة عميقة تجاهه فما تعرض له كان بإيعاز منه بالكاد حافظ على هدوء نبرته وهو يخاطبه هازئا المرادي ذكائك المحدود خانك يا سامي إهانته لشخصه كانت صريحة غير متوارية لم يتحملها كعادته وصاح به متشنجا إنت إزاي تكلمني كده أنا أخوك الكبير وآ قاطعه في صوت مهدد ما تفكرش إني هعديهالك انعكس الذعر على محياه فتوجس خيفة منه وهو يرى نظراته الممېتة مرتكزة عليه وكأنه يود الفتك به ما لبث أن هوى قلبه بين قدميه حينما أكد له بلهجة غير متساهلة إطلاقا لأني مش برحم اللي يفكر بس يأذيني استغرقها الأمر الكثير من الوقت لتعود إلى ممارسة روتين حياتها اليومي بشكل شبه طبيعي وكان أول ما قررت فعله هو مهاتفة والدتها بعد انقطاع دام لأشهر خجلت خلالها من الاعتراف لها بالخطأ الجسيم الذي بطنها المتكور ودارت بيدها عليها في حركة دائرية رقيقة بعدما أحست بوكزة خفيفة في جانبها لاح على ثغرها بسمة ناعمة فهي لم تظن أنها ستكمل ذلك الحمل لكن بذرة المشاعر الأمومية التي صحت بداخلها جعلتها تتراجع عن فكرة التخلص منه رغم مساوئ زواجها غير الموفق من مهاب شجعها على ذلك أيضا غيابه عنها ودعم ممدوح لها فقد أصبح أكثر قربا منها وتخطت مكانته لديها حدود الرفيق المخلص لتتوطد صداقتهما بشكل غير معقول لكنها لم تتجاوز حدود المباح حيث أبقت على وجود مسافة حذرة في علاقتها به انتشلها من شرودها الذي طال صوت والدتها شبه الباكي حينما أجابت عليها بعد انتظار استمر لما يقرب من دقيقة كل الغيبة دي يا تهاني هونت عليكي يا بنتي افتقادها لوجودها في حياتها جعل تأثير سماعها لصوتها جليا دق قلبها وكتمت بيدها أنفها لتمنع نفسها من البكاء لترد مدعية كڈبا بصعوبة معلش يا ماما مشاغل جاء ردها مستعتبا مشاغل إيه اللي وخداكي كل ده مافضتيش دقيقة تكلميني فيها نفرت من مقلتيها الدموع فتابعت بعد نحنحة سريعة ڠصب عني بس المهم قوليلي إنتو أخباركم إيه أجابتها عقيلة بعد شهيق مسموع الحمدلله ناوية ترجعي امتى مسحت تهاني بإصبعها دمعها من على وجنتها وأخبرتها صعب دلوقتي أومال فردوس فين في شيء من البهجة جاوبتها مش اتجوزت والحمدلله ردت بشكل آلي مقتضب مبروك أضافت والدتها بعدئذ بتلقائية أمومية عقبالك إنتي كمان يا ضنايا وساعتها نعملك أحلى ليلة هنا بمشيئة ربنا حينئذ اعتصر الألم قلبها فكيف لها أن تخبرها عبر مكالمة هاتفية خاطفة أنها تزوجت بل وعلى وشك الإنجاب بعد أشهر قليلة سكتت لهنيهة وهي تشعر بالخزي من حالها فهذا ليس ما خططت له وما ظلت تردده على مسامع الجميع أعمتها في لحظة غادرة أطماعها وغطت أحلامها الواهية
متابعة القراءة