حكاية رحلة اثام بقلم منال سالم
المحتويات
يمنحه الأفضلية بالشعور بانتصاره في شيء يعتبره من السهل تحقيقه إن تزوج بأخرى ظل يتابعه بنظرة غير مقروءة وهو يغادر حجرته ليؤكد لنفسه في غرور الشاطر هو بس اللي يضحك في الآخر
يا ممدوح عاشت لسنوات وفق قواعد معينة مرسومة منذ البداية لتخطط مصير حياتها إلا أن ظهوره المصحوب بالنفوذ والثراء مع بعض الغموض المثير جعله بالتدريج أحد اهتماماتها إلى أن صار بعد فترة على قائمة أولوياتها فثمة شيء في شخصه الواثق يدفعها للتقرب أكثر إليه خطبتها إليه تمت لتعزيز روابط القوة والسلطة وتوسيع الإمبراطورية العريقة بين اثنين من أكبر رجال الأعمال لم يكن ليحدث أي من ذلك دون موافقتها حجزت ناريمان في رحلة جوية مرتب لها مسبقا والتقت بخطيبها في فيلته الصغيرة دارت بعينيها في أرجاء حديقته ذات المساحة المحدودة وقالت بعجرفة طفيفة مش حابة إنك تضايق مني عشان صممت أجي هنا من حقي أشوف المكان اللي هعيش فيه أخبرها مهاب بنبرة مؤكدة وهو يلصق بثغره هذه الابتسامة المنمقة ده وضع مؤقت احنا هنستقر تاني في مصر ردت في حبور بعدما مدت ذراعها لتمسك بكأس مشروبها البارد يكون أفضل مش حابة أبوظ روتين حياتي قال في شيء من المكر ليضمن إبقاء تأثيره عليها وأنا مقدرش أعمل حاجة تضايقك أعادت الكأس لموضعه على الطاولة وهي تنظر إليه فقد استحسنت ذلك الشعور الذي يراودها بالرضا والتميز وهي في حضوره وكان الأخير محترفا بالقدر الذي استطاع بتمهل التعامل مع طباعها الأرستقراطية بالطريقة التي أوقعتها في شباك غرامه وإن كانت لا تزال تعاند وتنكر أنها باتت تهواه تنبه لها حينما تأوهت بصوت خفيض نظر إلى حيث وضعت يدها على جانبها انتقل من مقعده المجاور لها ليصبح في مواجهتها وهو يسألها في صوت قلق مالك إنتي كويسة انحنت للأمام لتقاوم شعورها بالوخزات الحادة التي عصفت بجانبها وكأنها خنجر ېطعنها بلا هوادة لم تستطع التحمل وأخبرته مش عارفة حاسة بنغزات جامدة كده في جنبي حاول فحصها ظاهريا لكنها لم تمنحه الفرصة وبررت إليه سبب شعورها بهذا الإعياء المفاجئ ممكن يكون القاولون تعبني شوية سألها بلهجة الطبيب المتمرس ليتحقق من شكوك قد راحت تساوره إنتي بتشتكي منه أجابته بإيماءة من رأسها الدكتور من فترة قالي كده عندي قاولون عصبي جثا على ركبته أمامها وطلب منها في إلحاح طيب أنا بصفتي دكتور وخطيبك في نفس الوقت أنا مضطر أفحصك من تاني رفضت بلباقة الموضوع مش مهم دلوقتي هيروح الألم مد يده ليمسك بكفها احتضنه بين راحتيه فاقشعر بدنها للمسته الرقيقة وأصر عليها مستخدما طريقته المعسولة في التأثير عليها أرجوكي يا ناريمان عشان أستريح أنا بالي هيفضل كده مشغول عليكي أعطته هذه النظرة الجادة فقابلها بأخرى راجية مثل نبرته من فضلك استسلمت في النهاية مرددة أوكي قام واقفا وسحبها من يدها نحو الخارج ليستقلا معا سيارته حيث اتجه بها إلى المشفى للقيام بالإجراءات اللازمة لفحص حالتها في الحال لم تمانع على الإطلاق تحمل عبء هذه النفقات الإضافية وتوفير مربية ذات خبرة في التعامل مع الصغار بجانب الخادمة من أجل رفع مستوى معيشة أسرتها وخصوصا بعدما أصبحت فترات مكوث زوجها بالمنزل أكثر طمحت في أن تكون حياتهما معا تحوي كل ما كان يصبو إليه يوما بصعوبة تمكنت تهاني من بلع ما تبقى في صحنها لتعلق على زوجها الذي نقل إليها خبر خطوبة مهاب وضعت يدها أمام فمها لتمنع تناثر البقايا وهتفت في غير تصديق معقولة خطب إنت متأكد من الكلام ده أكد لها بإيماءة من رأسه وقد مسح بالمنشفة الصغيرة فمه أيوه يا تهاني الحاجات دي مافيهاش هزار ابتسمت في سعادة غريبة ورددت في قدر من الشماتة خليه يتلبخ بيها علشان ما يركزش معانا ويبوظ علينا حياتنا على ما يبدو لم يصغ إلى ما قالته وانشغل بالاستغراق في التفكير فهسهس لنفسه في حقد دفين لأ وبيعمل ناصح عليا فكره مش هعرف باللي رسمه من ورايا أومال لو مكونتش حافظه زي كف إيدي لم تتبين ما يهمهم به فسألته مستفهمة بتقول إيه مش سمعاك لم يجبها ونهض عابسا من على مقعده فتبعته ثم فرقعت بإصبعيها لتستدعي الخادمة فتقوم بجمع الأطباق والصحون وإعادة تنظيف وترتيب مائدة الطعام لحقت به عندما جلس بالصالة ليشعل سيجارته ونظرت إليه عندما تكلم في قدر من التهكم الناقم هيتجوز بنت بنوت واحدة لسه بورقتها فاجأها اختياره ورددت مصډومة كمان اعتدلت في جلستها ولاحقته بالأسئلة الفضولية يعني هي وافقت وهي عارفة إنه كان متجوز وعنده ولد رمقها بنظرة ذات مدلول غير مفهوم لها قبل أن يشبك كفيه معا واصفا الأمر يا حبيبتي فلوس بتتجوز فلوس الكلام ده مايفرقش معاهم استندت تهاني براحتيها على مسند الأريكة وقالت في غنج مشوب بالتسلط المهم عندي تعامل ابني كويس رمقها بهذه النظرة المستخفة ليعلق بعدها ده إنتي المفروض تخافي عليها منه انزعجت من تلميحه المسيء وهتفت في عبوس متصنع ممدوح تجاهل تحذيرها الضمني واستمر في التحامل عليه دي الحقيقة ابنك هيخرب عليهم وبكرة أفكرك تمسكت بتبرئة ساحة ابنها من اتهامه غير الحقيقي فأردفت قائلة مش للدرجادي ده عيل صغير مايفهمش حاجة سئم من الحديث عنه ونهض ليقول بوجه ممتقع أنا هشوف البنات انتصبت في جلستها ونظرت إليه بضيق طفيف شعرت وكأنها قد بالغت في الدفاع عنه دون داع وصاحبت زوجها بنظراتها القلقة إلى أن اختفى عن محيطها في تلك الأثناء كان أوس يجلس على الأرضية في غرفة التوأم يلهو بلعبته وفي نفس الآن يتسلى بصحبتهما حينما سمع همهمة إحداهما نهض من مكانه وراح ينظر إليها في عطف رفع قبعة الرأس عن الرضيعة بيسان عندما وجدتها قد سقطت على عينيها وتسبب لها الإزعاج ابتسم لها في وداعة وتحرك تجاه النائمة ليان تأكد من ثبات قبعتها هي الأخرى قبل أن يستدير بجسده ليجد ممدوح واقفا عند عتبة الغرفة وينظر إليه بعينين تقدحان بالشړ لن ينكر أن داخله اهتز من طريقة تطلعه إليه تجهم ليواري على خوفه وتحفز في وقفته بارتباك عندما هدر فيه بحدة غاضبة إنت بتعمل إيه واتته الفرصة على طبق من ذهب ليدعي بالكذب عليه فيفسد الود الذي كان قائما بينه وبين والدته ويزرع في نفسها الشكوك ناحيته فحينما يلجأ إليها ليشكوها من شيء ما وجد تعنيفا لا ترحيبا تقدم ناحيته مندفعا وهو يكرر عليه سؤاله المشوب بالاتهام فأنكره أوس بثبات ما عملتش حاجة انقض عليه ليمسك به من عنقه ثم جذبه بعيدا عن الرضيعتين ليدفعه پعنف نحو الدولاب وهو مستمر في صراخه الذي أوقظهما إياك تقرب منهم بكت الرضيعتان في فزع وجاءت تهاني ركضا وهي تتساءل في استرابة قلقة إيه اللي حصل في التو أجابها ممدوح وهو يشير بإصبع الاتهام إليه ليقطع عليه أي وسيلة لكشف كذبه الأخ الكبير شوفته وهو بيكتم نفسهم لوى أوس وجهه پغضب وصاح فيه مستهجنا وبعصبية تماثله محصلش ده كداب ارتفع صړاخ الرضيعتان فانتقلت تهاني لتجاورهما وراحت توبخ ابنها بأسلوب شبه لاذع دون منحه فرصة الدفاع عن نفسه أوس برضوه مصمم تعمل الغلط مش أنا نبهت عليك نظر لها مصډوما وبعينين ذاهلتين وهي لا تزال تلقي بكامل اللوم على ابنها بجد إنت تعبتني أعمل إيه بس معاك اشټعل داخلها بغضبه المتأجج وراح يهتف في حړقة صدقيني يا ماما أنا معملتش حاجة توقف للحظة ليأخذ نفسه ثم استأنف مشيرا بسبابته نحو من يبغض بشدة هو بيكدب وكأن تأثير كلمته الأخيرة قد أعطته التفويض ليتعامل معه مثلما أراد بكل عدائية وقسۏة فاستغل تأزم الوضع ليقول بتشدد المرادي أنا مش هسكت كله إلا البنات يا تهاني كانت على وشك النطق بشيء فأخرسها بصرامته وإصبعه مرفوع أمام وجهها وإياكي تتدخلي وإلا هنزعل من بعض ارتاعت من تهديده وقفز قلبها بين ضلوعها فرجته ممدوح أمرها بصرامة وهو يتحرك صوب أوس في انقضاض واضح خليكي هنا أمسك به من مؤخرة عنقه فركله أوس بشراسة في ركبته ليوجعه صارخا به ابعد عني شيل إيدك تحمل ضړبته العڼيفة وتصدى لمحاولاته للإفلات منه ليتمكن في النهاية من اصطياده فقام بتطويق عنقه بذراعه القوي واستخدم الآخر في تقييد معصميه ليصبح تحت رحمته ثم دفعه دفعا إلى الخارج وهو يفح بالقرب من أذنه بوعيد مخيف وريني أبوك هيحميك إزاي مني يتبع الرابع والثلاثون الفصل الرابع والثلاثون خلل بمجرد أن اختلى به في غرفته ألقاه أرضا بخشونة واضحة لتصطدم رأسه بالأرضية الصلبة ربما لم يفكر في إيذائه بدنيا لكن فكرة إرهابه في حد ذاتها وترويض تمرده إن لزم الأمر بأي وسيلة يراها مناسبة كانت وحدها كفيلة بجعل ذلك الشعور الممتع بالسيطرة يغمره بقوة ارتسم محدش يقدر يحميك مني مهما كان مين ضغط على كل كلمة تفوه بها حين واصل الكلام وهو يسدد له تلك النظرة القاتمة حتى أبوك أنا عرفت أضحك عليه إزاي وأخليه يبقى في صفي لأن ببساطة أنا فاهمه كويس وكل مفاتيحه معايا تزحف أوس للخلف على مرفقيه حين خطا تجاهه لينأى بنفسه عن أي حركة غدر غير متوقعة من هنا ورايح روحك بقت في إيدي لحظتها ارتفع الخفقان في قلب الصغير كردة فعل على تهديده تحول صوت شهقته لصړخة مكتومة وقد بلغه فجأة لينقض عليه قابضا على ذقنه رفعه منها ليجبره على النهوض فتأوه الصغير من الألم لم يتركه ممدوح بل زاد من ضغطه وهو يتوعده بلا هوادة وحياتك چحيم معايا حاول أوس انتزاع أصابعه من على فكيه بأقصى طاقته لكنه عجز أمام قوته الجسمانية المتحكمة به كان كالدمية تحت قبضته يطوحه هنا وهناك كيفما يشاء آنئذ تزعزعت الثقة التي كانت تسود داخله بأنه قادر على كبحه والتصدي له حين يفكر بالبطش به مرة ثانية دفعه ممدوح أرضا لينكب على ظهره قبل أن تأتيه ركلة متوسطة القوة في ساقه أتبعها
متابعة القراءة